بماذا أناديك





انهيت منذ فترة قراءة رواية "البنت التي لا تحب اسمها" للمؤلفة "أليف شافاك" واستوقفتني عبارة على لسان البطلة "زهرة الساردونيا" تقول فيها: "كان يجب أن يتحدث الأطفال مع والديهم ويختاروا اسماءهم بعد أن يكبروا ويتعلموا القراءة والكتابة، وإلى ذلك الوقت، كان من الممكن للوالدين أن يناديا أولادهما بكلمات بسيطةـ وليست كلمات فظّة مثل: أنت تعال، واجلس ياصغير...".

كانت البطلة تكره اسمها، وكذلك كُنت أنا في فترة من الفترات، لذا دفعني تساؤلها للتفكير فيما لو كانت هذه الفكرة ممكنة أصلًا، ماذا لو تُرك أمر تسمية المرء لنفسه، أو على الأقل يكون له الخيار بطريقة ما عندما يصل لعمر يستطيع فيه التمييز بين الأشياء، فكم من شخص كبر باسم يكرهه أو يسبب له إحراج بين  أصدقائه وزملاءه في المدرسة، وكم من أب وأم اختاروا لأولادهم أسماء قديمة – وغير جذابة في كثير من الأحيان- تيمنًا بالأجداد أو تقديرًا لأشخاص يعزونهم متناسين أنهم بذلك يظلمون أبنائهم.

أذكر في صغري زميلة نجيبة اسمها "مقبولة"، بالنسبة لي كان اسمها مميزًا، بلّ مناسبًا لها لأنها كانت مقبولة شكلًا وخُلقًا، لكنها كانت تكرهه كرهًا شديدًا لدرجة أنها لم تكن تجب على المعلمات حين ينادون عليها بصوت عالٍ خوف الإحراج، كانت أيضًا تتجنب التجمعات وعقد الصداقات غالبًا بسبب اسمها، وإن كنتم تتساءلوا كيف عرفت؟ الأمر بسيط، ففي بداية أحد الفصول الدراسية كانت تقف كوردة وسط بستان، تضحك مع فلانة وتمازح الأخرى، لكن هذه المرة كان اسمها "سارة"، فقد اقنعت والديها خلال العطلة الصيفية بتغيير اسمها القديم، لتتغير معه شخصيتها لشخصية أكثر مرحًا واجتماعية.

لكل امرئ من اسمه نصيب؟ ربما، ففي كثير من الأحيان نستطيع تخمين اسم الشخص من صفاته أو حتى شكله – كما أكدت بعض الدراسات- لذا فالاسم مهم جدًا في تكويننا الاجتماعي، بل يُحكم علينا من خلاله في كثير من الأحيان، فيُقال مثلًا اسم على مسمى حين يرتكب شخص ما فعلًا سواء أكان حسنًا أم لا.  فالاسم الذي لم تختره يؤثر على صورتك وعلى وضعك الاجتماعي شئت أم أبيت، فلم لا يُترك خيار تسمية الأشخاص لأنفسهم عوضًا عن تحمل الأهالي هذه المشقة؟ لماذا لا يعيش الطفل باسم يحبه ويكبر متحملًا هذه المسؤولية ويتجنب الأهل لوم الأبناء حين لا تعجبهم الأسماء؟

تعليقات