كيف أصير شريرة؟






قضيت الفترة الماضية اسأل نفسي هذا السؤال، وأفكر في كيفية تحقيقه. لأكون صادقة معكم أنا لست بتلك الإنسانة الطيبة حد السذاجة - أو هذا ما اعتقده على الأقل- لكن قلبي ضعيف جدًا حين يتعلق الأمر بأحبتي، فلا أستطيع تجاهل رغباتهم وأستصعب رد طلباتهم، ودائمًا ما أمد يدي لهم سواء أحتاجوها أم لا. قد يقول قائل هذا أمر حسن، وأقول إنني أتفق معك إلى حد ما، لكن هذا الأسلوب يؤثر علينا بطريقة سلبية في نهاية المطاف فهو يعلمهم الإتكالية، ويسلب منّا الراحة - والعديد من الفرص في كثير من الأحيان.

وعلى أمل بلوغ غايتي في أن أكون شريرة لا يشق لها غبار، قرأت عدّة مقالات قدمت جميعها وصفات تسهّل على المرء التحول لشرير، لكن مفهوم الشر فيها يختلف جذريًا عن المفهوم الذي يدور في مخيلتي. فأنا لا أريد قتل البشر ولا التحول لآلة منزوعة المشاعر ومعدومة الضمير، فجلّ ما أريده هو تعلم قول لا حين أريد قولها، ووضع نفسي أولًا حين يتطلب الأمر ذلك؛ جلّ ما أحتاجه هو أن أُقدم رغباتي دون أن أكون أنانية أو قاتلة. لربما خانتني المفردة إذا! أو ربما لم أقرا المقالات المناسبة! لكن لما البحث والقراءة إن كانت التجارب والخبرات أفضل معلم؟

لذا لجأت إلى صديقة مقربة تُعرف بصلابة قلبها وسألتها هذا السؤال بحثًا عن إجابة شافية دون لف أو دوران. ضحكت قائلة: أنتِ آخر إنسانة توقعت منها طرح سؤال كهذا. ثمّ قالت لي كلمة سمعتها سابقًا من أحد الأشخاص: "أنتِ أقوى مما تظنين، قوية لكنك تخشين أن تؤذي قوتك من تحبين فتتجنبين إظهارها". لكن مهلًا ما دخل القوة في سؤالي؟

لربما كان سؤالي خاطئًا منذ البداية؛ فأنا لا أرغب أن أكون شريرة، لا أرغب أن أصدّ أحد عندما يحتاجني، ولا أرغب أن أؤذي مشاعر الآخرين، لا أرغب أن أنزع مشاعري أو أكون بلا ضمير، كل ما أريده أن أحب نفسي أكثر، ألا أخشى إظهار قوتي حين أحتاجها، ألا أسمح لأحد باستغلالي، ألا أقدم راحة الآخرين على راحتي، أن ابتعد حين يكون البقاء مؤلمًا، كل ما أحتاجه حقًا هو إظهار هذه القوة الدفاعية التي تحمينا من الخذلان والخيبة وإنكسارات القلب دون أن تضر أحد، لذا فلابد من استبدال السؤال والبحث مرة أخرى عن طريقة لإظهار هذه القوة الناعمة.




تعليقات